روبرت نوفاك أمير الظلام المشاكس/ المصطفى ولد البو

وُلد روبرت ديفيد ساندرز نوفاك بولاية إلينوي في 26 فبراير 1931 لعائلة جمهورية محافظة، كان والده مهندسا يدير شركة للغاز، عمل روبرت في صحيفة محلية عندما كان طالبا في المرحلة الثانوية، ليلتحق بعدها بجامعة إلينوي، لكنه ترك الدراسة فيها قبل عام من التخرج ليخدم كملازم في الجيش لمدة عامين خلال الحرب الكورية.
يعتبر روبرت نوفاك أكثر كُتاب الأعمدة الصحفية انتظاما في الكتابة لفترة تصل أو تتخطى نصف قرن، كما أنه أكثرهم مشاكسة وجرأة وعنادا، وهي صفات يضيف إليها أحد رفاقه المقربين صفة التشاؤم بعد أن أطلق عليه لقب أمير الظلام نتيجة لذلك عندما كانا صحفيين شابين في وول ستريت جورنال وهو اللقب الذي لازمه حتى عنون به مذكراته.
نوفاك المعروف بملامحه الحادة والصارمة وحرصه على ارتداء الملابس الرسمية، يصفه أحد أصدقائه بأنه ذلك الشخص الذي يمكن أن يركلك لتسقط لكنك ستجده بجانبك قبل أن تلمس الأرض، هذه المشاكسة لعبت دورا محوريا في تشكيل شخصية نوفاك الصحفية، حيث غذت جرأته وأطلقت العنان لتهوره نحو اكتشاف ونشر الأخبار المثيرة، والتي من أهمها في مسيرته الطويلة هو كشفه لهوية عميلة للاستخبارات الأمريكية وزوجة سياسي مهم، في مقال نشره عام 2003 وتسبب في عاصفة سياسية وإعلامية استمرت ست سنوات ومازالت تتفاعل حتى اليوم خاصة عند الحديث عن حماية المصادر وتكييف الكشف عنها مع ضرورات الأمن القومي، وفي هذه القضية رفض نوفاك الكشف عن مصادره حتى كشفت عن نفسها فتحدث هو عنها لاحقا.
تخيل أخي القارئ أن عمود نوفاك وصل إلى 300 صحيفة، وكان هو نفسه من فتح المجال لرواد الصحافة الورقية للظهور كمحللين ومعلقين على التلفزيون، كما أنه ورغم ميوله المحافظة إلا أنه رفض غزو العراق ورغم أنه يهودي أمريكي إلا أنه يعتبر دعم الولايات المتحدة لإسرائيل من أكبر العوائق أمام تحقيق أي سلام محتمل، نوفاك ليس متناقضا هو صحفي يفصل بين جذوره ومبادئه ويعتبر أن الحصول على السبق الصحفي هو المنفعة الوحيدة التي يمكن أن يطاردها، كما أنه لا يهتم كثيرا بالانتقادات التي توجه إليه ولا يراعي في نفس الوقت أية معايير عندما يبدأ هو بالانتقاد الذي يكون عادة فظا ولاذعا، ومن ذلك عندما وصف دفعة جديدة من المحللين السياسيين بالمتشردين منتقدا استضافة القنوات لهم، الأمر الذي علق عليه أحد هؤلاء بالقول إن نوفاك تعود على رشّ الملح على جروح الصحفيين، ورغم ذلك يتساءل السيد نوفاك لماذا نحن كصحفيين “مستاؤون منه” يضيف هذا الصحفي !
من مناكفات نوفاك مع الصحفيين أيضا هو تعليقه على حديث لأحد الصحفيين حول التقصي والبحث عن الأخبار وما يصاحبها من تعب بالقول: أعتقد أن الصحفيين يحبون تسويق هذا الانطباع حول ما يبذلونه من جهد لكن الحقيقة أن أغلبهم يلتقي بمصادره في مطاعم فاخرة ومن هناك تتشكل الأخبار، لأنه عندما يبدأ ” المصدر” بالغناء فإن الصحفي البارع يعرف أين يجد الميكروفون.
نوفاك من جرأته أنه كان يخيّر شخصيات سامية بطريقة ضمنية بين أن يكونوا مصدره أو هدفه  Source or target وهو مصطلح موغل في التهديد وقد عاد عليه بالكثير من المعلومات،  وعندما كان يسأل عن بعض الأسماء كان يقول إن هذا رفض أن يكون مصدري مما يعني أنه يفضل أن يكون هدفا، ومن هذه الحالات عندما قام كاتب خطابات الرئيس نيكسون بتسليم وثائق سرية لنوفاك على بعد مبنى واحد من البيت الأبيض، ورغم اتهامه بالتعطش للسبق الصحفي على حساب المصداقية إلا إنه علق عليها بالقول إنه يعتقد أنه تم استغلاله بهذه التسريبات.
توفي نوفاك في 2009 عن عمر يناهز 79 عاما.