السباق الإنتخابي إختبار جدي لإستحقاقات مهمة / محمد الراظي بن صدفن

لا يساورنا أدني شك أنه من أهم خصائص النظام الديموقراطي ، إلي جانب الدستور الذي يضع القواعد الأساسية لنظام الحكم و سيادة القانون الملزم للجميع و حرية التعبير و إبداء الرأي التي هي جوهر هذا النظام ، يأتي في سلم الأولويات حرية تكوين الأحزاب السياسية لما لها من أهمية بالغة في مجال التنظيم و المسؤولية في مباشرة الحكم في إطار مبدأ التناوب علي السلطة و فق آليات النظام الديموقراطي المتعارف عليها.
كما لا يختلف إثنان في وقتنا الحاضر  حول المزايا التي يوفرها هذا النظام لصالح الشعوب علي مستوي المساواة في الحقوق و تكافأ الفرص بين جميع المواطنين و في مشاركتهم الفاعلة في تسيير الشأن العام  بصفة عامة.
لذلك ، إدراكًا منه لهذه الحقيقة ، فقد ركز رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في إطار مقاربته لحل الأزمة السياسية التي عاشتها البلاد خلال العقد الماضي ، علي إرساء جو من التهدئة السياسية يمكن من إستعادة الثقة بين الفرقاء السياسيين و العمل علي إدخال الإصلاحات السياسية علي المنظومة الإنتخابية في مسعي واضح من الرجل لتجاوز إشكالات الماضي و إستعادة الثقة بين الدولة و مواطنيها و إقرار التشريعات اللازمة لإقامة نظام حكم قائم علي أسس دولة الحقوق و الإلتزام بالقانون .
في هذا السبيل تمخضت مخرجات التشاور السياسي الذي تولت وزارة الداخلية واللا مركزية الإشراف عليه عن نتائج إيجابية أفرزت إدخال النسبية في قانون الإنتخابات التشريعية و الجهوية و البلدية، كما تم في إطار تدعيم الحريات الفردية و الجماعية إعتماد إقرار نظام التصريح بدل الترخيص المسبق بالنسبة لهيئات و جمعيات المجتمع المدني.
و تأتي هذه الإصلاحات في تناغم تام مع فلسفة الرئيس و رؤيته للديموقراطية التي تتطلب من وجهة نظره تطويرًا مستمرًا علي الدوام و صونًا غير منقطع و ذلك بهدف تعزيز الوعي بضرورة ترقيتها و الدفاع عنها و عن قيمها السامية.
و علي الرغم من أهمية هذه الإستحقاقات الإنتخابية المزمع تنظيمها من حيث التوقيت و السياق الذي تأتي فيه ، فإنها في الوقت ذاته تشكل إختبارا صعبًا  لمدي إلتزامنا بتطوير تجربتنا الديموقراطية عبر خضوع المنخرطين في الأحزاب للقرارات التي تصدر عن هيئاتها القيادية و القبول بمبادئ المنافسة الشريفة التي تحددها الأطر القانونية في هذا المجال .
و قد حذر فخامة الرئيس الحريص علي نزاهة الانتخابات من مخاطر الإنسياق وراء النفس القبلي و الجهوي و الشرائحي في أي دعاية كانت حزبية أم إنتخابية، لأن ذلك يضعف التماسك الإجتماعي و يحول دون تحقيق الوحدة الوطنية و هو مناف لخيار الولاء للدولة و لمؤسساتها. فالطموح لشغل المناصب الإنتخابية حق مشروع  للجميع لكنه بالنسبة للرئيس لا يمكن أبدًا أن يكون ذريعة للمساس بثوابت الأمة و بمصالحها العليا.
فهل نحن منسجمون و هل نقدر حقًا حساسية الظرف و دقة المرحلة التي تمر بها بلادنا؟.

فريق جسور

موقع يعنى بنشر الأخبار الوطنية والدولية مع توخي الدقة ومراعاة المهنية، كما يضع ضمن أولوياته تسليط الضوء على قضايا الجاليات الموريتانية في الخارج، وخاصة في غرب إفريقيا، والتحديات التي تواجهها، وإيصال صوتها وربطها بالوطن الأم، ليشكل بذالك ” همزة وصل بين الوطن وأبنائه”.