المدارس الأجنبية في موريتانيا.. مستعمرات ثقافية خارج إطار الرقابة
تجتاح موريتانيا منذ فترة تنظيمات تربوية متعددة تعمل تحت أطر بعضها مرخص، وبعضها يعمل بشكل عرفي دون ترخيص رسمي، تحمل هذه التنظيمات اسم المدارس الأجنبية، ويعمل بعضها برعاية ودعم مباشر من سفارات غربية نافذة.
وقد أعادت حادثة مدرسة DES CADERS ذات الإدارة والمناهج الفرنسية، الجدل بشأن هذه المدارس وتأثيرها في المجتمع، خصوصا أنها باتت العنصر الأكثر اصطيادا لأبناء النخبة والأثرياء وعلية القوم في موريتانيا.
المدارس الأجنبية…عقود من العمل خارج دائرة الضوء
تنشط عدة مدارس أجنية في موريتانيا ومن أبرزها:
المدرسة الفرنسية الملحقة بالسفارة الفرنسية في نواكشوط
مدرسة بتي سانج أو “الملائكة الصغار” في العاصمة نواكشوط وهي مدرسة فرنسية أيضا يدرس بها منصرون أفارقة وغيرهم.
المدرسة الأمريكية الملحقة بالسفارة الأمريكية
مدرسة برج العلم التابعة لجماعة فتح الله غولن والتي تحولت إلى مدارس النجوم الخاصة.
المدرسة التركية التابعة لوقف معارف الرسمي التابع للحكومة التركية.
رغم إن مناهج التعليم التركي سيئة حيث تحذوا حذو التعليم الأوربي المعادي للدين والقيم فإن المدارس التابعة لوقف الديانة التركية جيدة المناهج القيمية.
وتمتاز أغلبية هذه المدارس – وخصوصا الغربية- باعتماد منهج خاص بها لا يتقيد بالمقررات الموريتانية إلا نادرا، كما أن بعضها وخصوصا المدارس الفرنسية يعتمد النظام الفرنسي بشكل كامل
وكما لا تتقيد هذه المدارس غالبا بالنظام الموريتاني في التعليم، فإنها أيضا تعيش حالة أخرى من الفوضوية في التشغيل، حيث يعمل بها عدد من الأجانب، دون أن يكون هنالك معيار لاكتتابهم ولا تحديد لمستواهم المعرفي.
وتتواتر المعلومات بشأن وجود موظفين أو مدرسين يتعمدون فتح نقاشات تنصيرية مع الطلاب، وفي حالات متعددة أثارت مواقف وتصريحات بعض المدرسين غضب كثير من التلاميذ الموريتانيين، وخصوصا في المدارس الفرنسية، ونظموا احتجاجات وقدموا شكاوى إلى إدارتها.
ووفق ما تؤكده مصادر رفيعة في قطاع التهذيب الوطني في موريتانيا فإن هذه المدارس هي جزر مغلقة أمام الرقابة التربوية، وتحظى برعاية ودعم وحماية من شخصيات وجماعات ضغط مؤثرة جدا.
رسوم هائلة.. وتمييز ضد المعلم الموريتاني.
تعتبر رسوم المدارس الأجنبية غالية جدا مقارنة بنظيرتها الموريتانية، وتصل في بعض الأحيان إلى أكثر من مليون أوقية سنويا للتلميذ الواحد بالنسبة للمدارس الفرنسية، أما المدارس الأمريكية، فتصل رسموها إلى أضعاف ذلك ثلاث مرات، وتعتبر المدارس التركية والتونسية ارخص من ذلك.
وتحظى هذه المدارس بإعفاء عرفي من الضرائب، رغم أنها مؤسسات تجارية ربحية وبشكل لا حماية فيه لجيب المستهلك ولا لقيمه الثقافية والدينية.
كما تمتاز هذه المدارس بحرصها الشديد على إبعاد المواطن الموريتاني عن التدريس في فصولها وعلى اختيار مدرسين أجانب من خارج البلاد، وفي حالة التعامل مع المدرسين الموريتانيين فإنها تقدم لهم تعويضات زهيدة.
وسط حديث متصاعد عن رغبة إيران في أن تفتح مدارس لها في موريتانيا، فهي من غزية،
ولاشك أن هذه المدارس إن فتحت فسيكون منهاجها تعليم اللطم وتسفيه الصحابة ورمي أمهات المؤمنين بما برأهم القرآن منه.
والحق يقال فإن عدد المدارس الأجنبية قليل في موريتانيا مقارنة بالدول الأخرى.
فهل يصدق القارئ أن الهند الدولة الراعية للهندوسية لها مايزيد على 40 مدرسة في دولة قطر الصغيرة
نخب في شباك التغريب
ينتمي إلى هذه المدارس أبناء النخبة السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية في البلاد، حيث تصيغ هذه المدارس وعي ووجدان النخبة الأكثر فرصا في التأثير المستقبلي والترقي في الوظائف والإمساك بزمام الأمور.
فيظن المسكين أنه أحرز السبق وضاعف الكسب وجرت له الدنيا، بينما هو في الحقيقة صريع الحرب الفكرية وصنيعة المستعمر الذي أخذ منه المال ليصيغ له شخصيته الأوربيةً النشاز.
ويغفل كثير من أولياء الأمور التأثير السلبي لهذه المدارس على الأجيال، فيما لا يجد بعضهم غضاضة في التفاخر بأن أبناؤه يتحدثون الفرنسية بطلاقة لكنهم عاجزون عن كتابة سطر صحيح بالفصحى، أو لا يحفظون جزئين كاملين من القرآن الكريم. ” عجبت من ضحك من لايعربن به ومن عنده للهو غير هه”
ومع تصاعد الشكاوى بشأن انتهاك المدارس الأجنبية للقيم الإسلامية ومنع تدريس التربية الإسلامية واللغة العربية في عدد من المدارس الغربية، وتورط بعض مدرسيها في أنشطة تنصيرية، وأعمال خبيثة أخرى مثل الترويج للمثلية، فإن الرأي العام الموريتاني ينتظر من الدولة بشكل عام، أن تسائل هذه المدارس لتعرف ماذا تدرس وكيف تدرسه، وترى هل يتحقق من خلالها أي هدف من أهداف التعليم الموريتاني في حفظ الهوية وتكوين الأطر والكفاءات الوطنية.
إذا كان رب البيت للدف ضاربا
يحظى خريجي المدارس الفرنسية بأسبقية في التوظيف والتعيين،
اما المدارس الموريتانية فحظها وزارة الشؤون الإسلامية.
فكبار الموظفين من السلكين العسكري والمدني هم من خريجي المدارس الغربية، وحتى أغلب الحكومات التي تحدثت عن إصلاح التعليم ربما هي في دولة أخرى.
فكيف يقتنع المواطن العادي بأهمية التعليم، وأبناء الوزراء لايدرسون فيه.
يغبن الطالب الموريتاني حين يتنافس مع حملة الشهادات من هذه المدارس التي يحصل على شهاداتها بيسر علمي وأكاديمي متدرج، في مقابل شهادة البكالوريا الموريتانية والتي أصبحت أصرا وغلا، وحجارة من سجيل تتحطم عليها رغبات الطلبة المسالمين، بعد أن أصبحوا في بلدهم غرباء.
على الدولة أن تدرك خطورة المدارس الأجنبية، وأن تخاطبها بما تفهم فللبد تقاليده وأعرافه وله قيمه الراسخة، التي لاتضيق ذرعا بثقافة المخالف أوبعلمه، لكنها لاتقبل استغفال صبية صغار يبحثون عن المستقبل المشرق فيزرع فيهم مالايقبله المجتمع في غفلة من الرقيب، كمسلمات.
وإذا أقيم نزال جدي فثقافتنا الغالبة لن تصمد في وجهها تراهات المدارس الأجنبية التي لاتقنع العقل لأنها خارج سياق المنطق، لذلك فهي تترصد، وتداور لأن القوي يواجه والضعيف يداور.