قضايا “حرجة” على طاولة القمة الإفريقية في أديس أبابا
إبراهيم الخازن/ الأناضول
تلتئم القمة الإفريقية العادية الـ 35، السبت، في أديس أبابا المنهكة بالصراعات المسلحة، مصطدمة بقضايا “حرجة”، أبرزها بحث قبول أو رفض عضوية إسرائيل كمراقب، وتداعيات فيروس كورونا صحيا واقتصاديا.
وتحدث خبير معني بالشؤون الإفريقية عن 4 قضايا حرجة قبيل التئام القمة، أبرزها عضوية إسرائيل كمراقب، إلى جانب أزمات المياه والصراعات المسلحة والانقلابات.. وغيرها من القضايا.
إلى ذلك، هناك قضية “معالجة الآثار المدمرة لجائحة كورونا”، إذ “هيمنت مناقشتها على جلسة المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، (التمهيدي للقمة)، فضلاً عن تهديدات انعدام الأمن من النزاعات والإرهاب والتغييرات غير الدستورية للحكومات (الانقلابات)”، وفق بيان للاتحاد.
والتأمت الدورة الـ40 للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي المنعقدة في أديس أبابا، بين 2 و3 فبراير/ شباط الجاري، للنظر في جدول أعمال القمة الإفريقية الـ35 المقررة يومي 5 و6 فبراير الجاري.
ومن المقرر أن يتسلم الرئيس السنغالي ماكي سال، رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي لعام 2022 عن دول غرب القارة، لتخلف دولته الكونغو الديمقراطية.
ويصادف عام 2022 الذكرى السنوية العشرين، منذ إطلاق الاتحاد الإفريقي رسمياً في عام 2002، خلفًا لمنظمة الوحدة الإفريقية (1963-2002).
** عضوية إسرائيل
في 22 يوليو/ تموز 2021، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن “سفير إسرائيل لدى إثيوبيا، أدماسو الالي، قدم أوراق اعتماده عضوا مراقبا لدى الاتحاد الإفريقي”، من دون أن توضح خلفيات هذا التطور.
وفي 25 يوليو/ تموز الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان، رفضها قبول إسرائيل (المحتل لأراض عربية) كمراقب جديد بالاتحاد، مؤكدة أن القرار “اتخذ من دون مشاورات”.
وفي 3 أغسطس/ آب 2021، اعترضت سفارات مصر والجزائر وجزر القمر وتونس وجيبوتي وموريتانيا وليبيا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا (مقر الاتحاد) على القرار، في مذكرة شفهية للاتحاد، مشددة على “رفض” تلك الخطوة في ظل دعم الاتحاد للقضية الفلسطينية.
فيما أكدت سفارات الأردن والكويت وقطر واليمن وفلسطين وبعثة جامعة الدول العربية لدى أديس أبابا تضامنها مع السفارات السبع في هذه المسألة.
وفي منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2021، أرجأ المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي حسم قبول أو رفض منح إسرائيل صفة العضو المراقب في الاتحاد، وإحالته إلى القمة الإفريقية الحالية.
وفي 27 يناير/ كانون الثاني الماضي، قال الناطق باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، خلال مؤتمر صحفي، إن القمة الإفريقية ستنظر في عضوية إسرائيل كمراقب.
ومن أصل 22 دولة عربية، ترتبط 6 دول فقط بعلاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، وهي مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
وتوترت العلاقات بين الدول الإفريقية وإسرائيل منذ ستينيات القرن الماضي، على خلفية اندلاع حركات التحرر الوطني من الاحتلال في القارة السمراء وتصاعد الصراع العربي الإسرائيلي، والحروب الإسرائيلية مع الدول العربية عامي 1967 و1973.
** الصراعات المسلحة و”الانقلابات
تشهد دولة المقر إثيوبيا اندلاع حرب أهلية منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، عندما أرسل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد القوات الفيدرالية إلى تيغراي للسيطرة على السلطات المحلية المنبثقة من “الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي” بعد اتهامها بمهاجمة ثكنات للجيش الإثيوبي من دون حسم حتى الآن.
وفي أقل من عام، استولى عسكريون على السلطة في كل من تشاد ومالي وغينيا وبوركينا فاسو، بينما فشل انقلاب غينيا بيساو الأخير.
ووفق بيان المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، “شهدت إفريقيا في الأشهر الأخيرة تراجعاً ديمقراطيا في الكثير من الدول الأعضاء، عقب التغييرات غير الدستورية للحكومات من خلال الانقلاب”.
وهو ما “يطرح مخاوف أمنية خطيرة للمناطق والقارة، إلى جانب تهديدات الإرهاب والصراعات وضعف الحكم، التي لا تزال تشكل تهديدا للحالة الإنسانية في أفريقيا وهشاشة الدول”، بحسب البيان.
وأشار موسى فقي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، خلال اجتماع المجلس إلى أن “عودة ظهور التغييرات غير الدستورية للحكومة التي تزايدت بشكل خطير خلال الأشهر القليلة الماضية”، معتبرا الأمر “علامة على عجز كبير”.
بينما شددت وزيرة الشؤون الخارجية والسنغاليين بالخارج السنغالية عايشاتا تال سال، في الاجتماع ذاته، على أن “عودة التغييرات غير الدستورية للحكومة تقوض أسس الدول الإفريقية وجهود التنمية في القارة”، وفق البيان.
** أزمات المياه
تهمين على أزمات المياه قضية سد النهضة الإثيوبي الذي يثير خلافات حادة مع مصر والسودان منذ بدء إنشائه منذ نحو عقد، وتظل قضيته الأبرز.
والخميس ناقش، وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي مع نظيره الإثيوبي ديميك ميكونان أزمة السد، على هامش مشاركة الأول بتحضيرات القمة الإفريقية، ودعاه إلى التوصل إلى حل يرضي الأطراف كافة.
وتقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، وإن إنشاء السد مهم لدعم جهود التنمية في إثيوبيا، فيما تخشى القاهرة والخرطوم أن يُضر السد بمنشآتهما المائية وحصتهما السنوية من مياه النيل، وسط توقف المفاوضات منذ أشهر بسبب أزمات داخلية في إثيوبيا.
وعادة ما تطالب مصر إثيوبيا بتنسيق فني وقانوني حول الملء والتشغيل لسدها بشكل يضمن استمرار تدفق حصتها السنوية (55.5 مليار متر مكعب) من نهر النيل، والحصول على بيانات المياه، لا سيما في أوقات الجفاف، للحيلولة دون وقوع أزمات.
** تداعيات “كورونا”
أفاد بيان للاتحاد، الأربعاء، بأنه “لا يزال التقدم في التطعيم ضد كورونا في القارة منخفضاَ للغاية، بينما يشكل تعزيز وصول اللقاحات لكل المواطنين الأفارقة أولوية بالنسبة إلى الاتحاد. وسط تعهد عدة دول إفريقية بإنتاج لقاحات”، من دون كشف إحصاءات أو أسماء لتلك الدول.
وأشار موسى فقي محمد، رئيس المفوضية، خلال اجتماع المجلس التنفيذي إلى أن القارة بحاجة إلى 454 مليار دولار للاستجابة للأزمة الاقتصادية الناجمة عن الجائحة.
وقالت الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية لأفريقيا فيرا سونجوي، في الاجتماع ذاته، إن “التكلفة الاقتصادية لإدارة الجائحة كانت باهظة، إذ ارتفع الدين في إجمالي الناتج المحلي من 40 بالمئة في عام 2014 إلى نحو 70 بالمئة اليوم”.
وأضافت: “فيما كانت 4 دول أفريقية فقط معرضة بشدة لضائقة الديون في عام 2014، فإن 17 دولة معرضة اليوم لخطر كبير من ضائقة الديون”.
** رفض عضوية إسرائيل الأبرز
قال خيري عمر، الأكاديمي المتخصص في الشأن الإفريقي، للأناضول، إن طرح عضوية إسرائيل كمراقب للنقاش بالقمة ستكون أبرز القضايا المطروحة فيها.
وتوقع أن يكون الأقرب بالقمة هو رفض القرار وليس تأجيله، خصوصا في ظل قيام دول في الاتحاد الإفريقي بدعم الرفض بصورة مباشرة وغير مباشرة.
وأوضح أن أزمات المياه، ولاسيما سد النهضة الإثيوبي وما يثيره من جدل، سيكون مطروحا أيضا، وسيكون القرار أقرب إلى حث دبلوماسي على الحل التفاوضي.
ولفت إلى أن قضيتي الصراعات المسلحة في دولة المقر إثيوبيا أو بدول القارة، وكذلك الانقلابات ومحاولاتها بإفريقيا، ستكون من القضايا المطروحة.
ورجح عمر أن يخرج حديث دبلوماسي في الاتحاد، بشأن تلك الأزمات، يحث على إجراء انتخابات في أسرع وقت والعودة إلى الحوار بين الأطراف المتنازعة أو المتصارعة.
وأوضح أن “بلدانا عدة بالاتحاد ليس هواها مع تعليق عضويات دول الأزمات والصراعات والانقلابات”.
وتوقع أن تكون نتائج قمة الرؤساء تقليدية، في ظل ضعف الاتحاد بشكل عام، على نحو مشابه للجامعة العربية، مرجحا أن يكون الأمر كله “محلّك سر”، في إشارة إلى عدم التقدم خطوة واحدة إلى الأمام في الأزمات.
وأشار إلى سوابق عدة لانعقاد القمة الإفريقية، فيما تعج إثيوبيا بحروب أهلية أو صراعات مسلحة، معتبرا أن هذه الأزمات لن تؤثر على الانعقاد، ولا يُتوقع خروج شيء حاسم أو فاصل من القمة.