الوقف..أهميته وحضوره في البلاد وأدواره التنموية التي يمكن أن يلعبها / أحمد باب علال
نبذة عن الوقف
عرفت الأحباس أو الأوقاف منذ العصر الإسلامي الأول ثم سادت في كل الأقطار الإسلامية، وشكلت سمة من أهم سمات المجتمعات الإسلامية حتى أصحبت عاملا مهما من عمال الرقي والتقدم في الحضارة الإسلامية عبر العصور ذلك أن الأوقاف شملت جميع أنواع الحاجات سواء الاقتصادية مها أو الاجتماعية أو العلمية أو الصحية أو غير ذلك.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك دورا فعالا وكبيرا يمكن أن يلعبه الوقف للدفع بعجلة التنمية خصوصا التنمية الاجتماعية، والتي هي العمود الفقري والمنطلق الحقيقي لكل تنمية مستدامة.
لكن هذا كله لن يتأتى إلا بوضع رؤية واضحة واستراتجية فعالة للنهوض بدور الوقف وطمأنة الواقفين وخلق مشاريع لتثمير ممتلكات الأوقاف.
ولقد عرفت موريتانيا عبر تاريخها أنواع من الوقف كانت تناسب ظروف الحياة آنذاك، ومن أبرز \لك الوقف العقاري في مدنها القدمية وحواضرها التاريخية (ولاته، تيشيت، وادان، شنقيط)، حيث عرفت تلك الحواضر وقف الدور والآبار وحدائق النخيل.
وكانت لتلك الأوقاف مصاريف خيرية تتمثل في رعاية طلاب العلم، وصيانة المساجد ورعاية الأيتام، والقيام على الأرامل ومواساة أبناء السبيل وتجهيز الموتى، وغير دلك من أوجه البر التي لا تحصى ولا تعد.
وإلى جانب الوقف العقاري “المدني”، عرفت موريتانيا أوقافا “بدوية” من الماشية وكتب العلم وألواح التعليم وحلي النساء وآلات الزراعة والسقي.
لقد كان الوقف حاضرا في أدبيات الفقه الشنقيطي وفي فتاوي فقهائهم ومساجلاتهم حول أحكام الوقف واستحقاقه ونظارته واستمراره وانقطاعه ومرجعه.
وكما اشتهر الشناقطة في بلدهم بالوقف اشتهر به أعيانهم في الحجاز فأوقفوا العقارات والبساتين والدور وغير ذلك.
وتقول بعض المصادر التاريخية إن أول وقف للشنا قطة بالمدنية المنورة يعود تاريخه لما قبل 300 عام على يد العلامة أمين ولد المختار الغلاوي، حيث صدر أقدم صك أوقف على الشناقطة بالمدينة المنورة في شهر محرم من عام 1138هـ ، للتوالى بعد ذلك الأوقاف كوقف المختار ولد السيد عبد القادر الشنقيطي ، والحاج عثمان ولد احمد طالب الشنقطي وغيرهم كثير لا يستع المقام لذكره.
لقد حان الوقت أن يخرج الوقف في ثوبه الحضاري الجديد بعد أن أتت عاديات الزمن وتقلبات الأحوال وسنوات القحط على ماتبقى من الأوقاف البدوية.
لقد آن الأوان أن نحصي كل الأراضي الوقفية في المدن الكبرى وعواصم الولايات والقرى والتجمعات والتي لا يبعد أغلبها كثيرا عن المساجد والجوامع.
حان الوقت كذلك لتسترجع أملاك هذه المؤسسة التي تم تعطيلها خلال العقود الماضية بسبب العجز أو الإهمال أو هما معا.
لو استرجعت كل هذه الأملاك وصينت وسيرت تسييرا رشيدا لكانت كفيلة أن تضمن لطلاب العلم ومشايخهم ظروف حياة كريمة تناسب شرف العلم كرامة أهله.
إن الاستثمار في مجال بناء المساجد وتفريشها وتكييفها وبناء مرافق الطهارة لزوارها أمر مطلوب ومحل هو الآخر، وهو من تعظيم الشعائر التي حث عليها القرآن الكريم ووصفها بأعلى رتب التقوى.
ستنهض الأوقاف الموريتانية لا محالة بفضل جهود الدولة الموريتانية والي تعززت بتعهدات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزاوني الذي وعد بعصرنة هذه المؤسسة، ذلك ما بدأ جليا من خلال متابعة حكومة معالي الوزير الأول للموضوع وسهر معالي وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي على برامج الوقف تخطيطا ومتابعة وتنفيذا.
ستكون المؤسسة الوطنية للأوقاف مثالا يحتذى به في النجاح والإتقان والمثابرة بفضل الله وبفضل جهود الخييرن من رجال أعمال هذا البلد وتجاره ومبتغي الأجر والثواب من المسلمين.
(وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ وَٱلْمُؤْمِنُونَ ۖ).