تفاصيل ثلاث ساعات من استجواب عزيز عن تهمة “تبديد العقارات”

استأنفت المحكمة المختصة في الجرائم المتعلقة بالفساد جلستها الأربعاء بالاستماع للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، حيث افتتح رئيس المحكمة القاضي عمار محمد الأمين الجلسة بإعلان مواصلة الاستماع للرئيس السابق حول التهم التي سبق وأن أطلعه عليها، وأجاب عليها إجابة عامة.

وبدأ رئيس المحكمة بتقديم أول التهم الموجهة للرئيس السابق، وهي تبديد ممتلكات الدولة العقارية، كما خاطبه بقوله: “لا شك أنكم سمعت شهادة بعض الشهود حول هذا الموضوع، وخصوصا الوزير السابق با عثمان والمدير العام السابق للأمن الجنرال أحمد ولد بكرن.

وأضاف: “سؤال المحكمة هو الآتي: في عهد توليكم منصب رئيس الجمهورية تم بيع بعض القطع الأرضية في أماكن توصف بأنها مهمة في العاصمة نواكشوط، يتعلق الأمر بسبع مدارس، ومقر سرايا الأمن والمرافقات [الدرك]، وجزء من مدرسة الشرطة المطل على شارع المختار ولد داداه، وجزء من الملعب الأولمبي، وجزء من التلفزة الوطنية، ومقايضة جزء من أراضي المطار القديم في إطار صفقة بناء المطار الجديد، المحكمة تريد أن تسمع منكم ما تعرفونه عن هذه البيوع؟

تمسك بالمادة 93

ولد عبد العزيز بدأ ردوده على رئيس المحكمة بإعلانه التمسك بالمادة: 93 من الدستور، وخاصة الشق المتعلق بعدم اختصاص القضاء العادي في محاكمته، والشق الذي ينص على أنه لا تجوز محاكمته إلا بتهمة الخيانة العظمى

كما أعلن أتمسكه بالمواد 10 و13 و24 من الدستور المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية وحقوقه وواجباته

وأردف الرئيس: “هذه التهم ملفقة ولا أساس لها من الصحة، والدليل على ذلك أنها حركت من طرف جهتين لديهما خلفية سياسية وعداوة دافعة لمهاجمتي، وهما:

رجل أعمال معروف [إشارة لرجل الأعمال محمد ولد بو عماتو] كنت قد أوقفت فساده، ويكفي من نماذج فساده أنه خلال 15 شهرا استفاد من شركة واحدة [في إشارة لسركة صوملك] ومن خلال الفوائد وحدها قيمة 5.2 مليار أوقية. هذا هو الفساد الذي حاربته وهو تبديد الأموال العمومية.

أما الجهة الثانية، أو الدليل الثاني على أن هذه التهم لا أساس لها وأنها سياسية وكيدية، هو أنها بدأت بعد ما عرف بـ”أزمة المرجعية”، وهي التي حركت هذه القضية أصلا، وشكلوا لاحقا لجنة تحقيق برلمانية، في البداية اعترفوا أنه لا تمكن محاكمتي أمام القضاء العادي، وتعاملوا مع دولة أجنبية كانت علاقتنا معها مقطوعة [في إشارة إلى قطر] واختلقوا قضية جزيرة تيدره من أجل اتهامي بالخيانة العظمى، وبعد أن صادقت الجمعية الوطنية على إدراجها في جدول الأعمال تراجعوا لأنهم لم يجدوا فيها رشوة ولا تبديد ممتلكات.

وواصل ولد عبد العزيز حديثه أمام المحكمة: “بعد ذلك بدأ جمع المشاريع عن عشرية كاملة، وتم اختيار مشاريع محددة بانتقائية، وبعد ذلك انتزعوا بعضها بضغوط من دول أجنبية، ثم استمعوا لثلاث مائة شخص أُخرجوا جميعا من الملف باستثنائي، بعضهم مارس ضغوطا حسب علاقاته”.

ورأى ولد عبد العزيز أن ما تم في البيوع الذي ذكرها رئيس المحكمة كان “ضمن برامج وخطط حكومية، وليس مرتبطا بالرئيس فقط الرئيس لا يخطط ولا يبرمج، وهذا يتعلق بشبكة وطنية تبدأ بالرئيس والوزير الأول والوزراء ولجان الصفقات وليست قضية تسقط من السماء”.

كما أنها – يضيف الرئيس السابق – “قضية فيها لجان رقابة، ومحكمة حسابات، ويصادق البرلمان سنويا على قانون لتسوية الميزانية، وتتعلق بصفقات فيها تدرج ومراحل ورتب، ولم تقدم فيها أي شكوى في أي مرحلة من مراحلها”.

شكوى من التمييز

وسرد ولد عبد العزيز جانبا من تفاصيل التعامل معه خلال مراحل التحقيق في الملف، مؤكدا أنه سجن وحيدا من بين 300 شخص ولمدة سبعة أيام، رغم أن اسمه لم يرد لدى لجنة التحقيق البرلمانية، كما لم في أي صفقة.

وأضاف: “استدعيت قبل 48 ساعة من موعد حددته لمؤتمر صحفي كنت سأعقده، وأوقفت لمدة 7 أيام لدى الشرطة على ذمة التحقيق، كما سجنت لمدة 6 أشهر وحيدا من بين هذه الثلاثمائة، وفي سجن انفرادي في تصرف لم يطل حتى الإرهابيين والقتلة، كما سجنت في منزلي ومعي عائلتي لمدة 8 أشهر، كنا خلالها لا يمكن أن يخرج أحد منا ولا أن يدخل علينا أحد”.

ورأى ولد عبد العزيز أن خصوصيته من بين جميع من شملهم الملف خلال مرحلة التحقيق البرلماني هو “أني أصر على حقي في ممارسة السياسة، وبالتالي فالملف سياسي لأن هدفه هو منعي من ممارسة السياسة”.

وأكد ولد عبد العزيز أن المدارس تم بيعها بطريقة قانونية وطبيعية، واتبعت فيها المساطر بدءا من إخراجها من الخريطة المدرسية، إلى إعلان بيعها مزاد علني ولمدة لثلاثة أشهر عبر التلفزيون، مشيرا إلى إحدى القطع الأحد الأرضية لم يجدوا عرضا بالمبلغ المحدد للميت فتمت إعادة المزاد العلني.

وذكر ولد عبد العزيز بأن لجان بيع هذه المدارس كانت تضم ممثلين عن القضاء وعن الخزينة، وإحدى اللجان ترأسها مدير الخزينة حينها وهو محافظ البنك المركزي حاليا [محمد الأمين ولد الذهبي]، وأخرى ترأسها مستشار الوزير الأول (لم يذكر وظيفته الحالية).

وقال ولد عبد العزيز إنه عندما اكتشف أن العدل المنفذ الذي أشرف على بيع “ابلوكات” سيستفيد عشرات الملايين من العملية، أوقفها حتى غير القانون، وتم اعتماد مبلغ آخر أقل، وتمت حماية مال الشعب الموريتاني.

قاطعه رئيس المحكمة: غيرتم القانون من أجل تخفيض نسبة العدل المنفذ؟

عزيز: هو لم يعمل أكثر من ساعتين، والدولة قررت تغيير القانون حتى لا تضييع أموال الشعب

واسترسل ولد عبد العزيز قائلا: وبالنسبة للأراضي الأخرى، فقد وجدنا القطع الأرضية تباع بثلاثة آلاف، وتمنح لقادة القبائل وللمشعوذين ولغيرهم، وكانت هذه أول مرة تباع فيها الأراضي عبر مزاد علني، وتعود بالمليارات على خزينة الدولة الموريتانية.

رئيس المحكمة: هل كانت هناك خطط أو دراسة لهذا البيع؟

عزيز: أولا: أريد أن أؤكد لك أن هذا مساءلة لسلطة تنفيذية عن خططها وبرامجها من طرف سلطة قضائية، وهذا خرق لمبدأ فصل السلطات، السلطة القضائية لا ينبغي لها أن تسائل السلطة التنفيذية عن خططها وبرامجها.

ونظرا لتعطش الرأي العام للإجابة فسأرد على هذه النقاط:

الجزء الذي تم بيعه من مدرسة الشرطة والملعب الأولمبي كان بهدف تغيير واجهة المدينة، فقد كان قصر المؤتمرات يطل على حائط قصير، وبلون قبيح، وهو الآن هو مفتوح على عمارات شاهقة ومبان كبيرة.

كما أنه أيضا أوجد فرص عمل مؤقتة خلال عملية البناء، وأخرى دائمة من خلال من يعملون في المحلات الموجودة فيها، كما أن هذه المحلات تدفع الضرائب، هل هذا خير أم بقاؤها قطعة أرضية جرداء؟ هذا هو فكرنا ونمط تفكيرنا.

وفيما يتعلق بالمنطقة الصناعية في دار النعيم، فالقطع الأرضية حين تمنح هناك أجلان يمكن من خلالهما استعادتها، الأجل الأول من لم يدفع المبلغ المالي، والثاني حين يدفع لكن لا يحترم دفتر الالتزامات بالاستثمار خلال هذا الأجل.

أقمنا هذه المنطقة الصناعية لتشجيع الاستثمار، وسبب ذلك أنه كانت لدينا محطة للطاقة الشمسية تنتج 50 ميغاوات وأردنا تشجيع الاستثمارات، وفعلا قمنا بتوزيع قطع أرضية بـ2 هكتار في هذه المنطقة.

وللتذكير، فعندما وصلت للسلطة كانت العاصمة نواكشوط كلها تعتمد على 7 مولدات لا يتجاوز إنتاجها كلها 42 ميغاوات (7 مولدات طاقة كل واحد 6 ميغاوات).

كما أعيد التذكير بأن المنطقة الصناعية كانت تمنح مقابل ثلاثة آلاف أوقية، أما الاقتطاعات الريفية -والتي دمج الكثير منها في العاصمة – فقد منحت بشكل مجاني، أما الآن أصبح فبيع الأراضي أصبح مفتوحا أمام الجميع ولم يعد عن طريق الأقارب والنافذين.

وبالتالي أتحدى من يقول إنه كان فيها أي تبديد للمال العام، أو يقدم دليلا على ذلك أو أني أعطيت أي قطعة أرضية

رئيس المحكمة: في موضوع الشهادات، الجنرال أحمد ولد بكرن قال إنه تلقى أوامر منكم بتسهيل مهمة أفراد خواص لاقتطاع جزء من مدرسة الشرطة، والوزير السابق با عثمان قال إنه تلقى أوامر من الوزير الأول يحي ولد حدمين بإخراج المدارس التي تم بيعها من الخريطة المدرسية، هل يدخل هذا في إطار تسيير الدولة والحكامة الرشيدة

عزيز: المدير العام السابق للأمن لم يدقق فيما قال. خواص هو لا يعرفهم وأنا لا أعرفهم.

لم يكن من الضروري أن أبلغه قبل ذلك بيع المدرسة، ولكن احتراما له كمدير أمن تم إطلاعه على الأمر. هذه القضية تعني الحكومة وليس إدارة الأمن، وكما قلت سابقا، فهي تدخل في إطار تحسين واجهة المدينة.

لا يمكن أن يكون أتاه شخص ويقول إنه سيستفيد من القطع الأرضية لأنها ستمر بالمزاد العلني وتباع عبره.

رئيس المحكمة: هذا لم أسألك عنه؟

عزيز: سمعته هنا خلال شهادته وأنا أرد عليه.

وأقول هنا إن الدولة ليس عليها أن تعطي أرضا للشرطة، فهي ليس عملية بيع.

قال هنا إنه لا علم له بأرض منحت للشرطة، ولكن نحن أعطيناهم 4 هكتارات في المنطقة الصناعية وتدربت فيها أول فرق مكافحة الإرهاب.

الجميع يعرف أنني دائما أقول لهم كلهم للوزراء وللمسؤولين إن عليهم أن يقولوا لي قناعتهم وليس ما يريده الرئيس، ويعرفون ما قلته لهم في قضية المأمورية الثالثة.

أما الضغط، فهو ما مورس عليهم من طرف الشرطة من أجل شهادتهم، وهو ما جعلهم يقولون أمورا لا علاقة لها بالواقع.

أما ما قاله با عثمان عن المدارس، فهو مخالف للوثائق الموقعة من طرفه كوزير، ومخالفة لزيارة الوزير الأول لهذه المدارس، ولشهادات المدرسين الذين قالوا حينها إنه لم يعد بإمكنهم سماع أو إسماع تلاميذهم بسبب الضجيج.

لقد تحدثوا عن المدارس التي بيعت، وقد عادت هي وجزء مدرسة الشرطة الذي تم بيعها على الخزينة العام بـ10,182.850.000، في حين أن مساحتها لا تتجاوز 3 هكتارات، وكانت أقل من المساحات التي كانت تمنح قبلي بثلاثة آلاف أوقية.

كما أنهم لم يتحدثوا عما تم بناؤه، فقد تم بناء 45 مدرسة ابتدائية، و17 إعدادية، و9 ثانويات امتياز، وقد مكنت هذه المدارس – بفضل الله – تلامذتنا من النجاح في المدارس الفرنسية، بعد ثلاثين سنة من الإخفاق في ذلك.

رئيس المحكمة: هل ما قلتم من مبررات كان موضوع دراسة قبلية؟

عزيز: هذا معروف، فبرنامج الحكومة نص على خلق فرص عمل، وهذا خلق لفرص عمل، ولا يوجد قرار إلا تمت دراسته في مجلس الوزراء ويخدم برنامجي الانتخابي

حين أجلس أنا هنا اليوم لتسألني السلطة القضائية عن قرار إداري اتخذته في لحظة معينة، فإنه يمكن أن أتوقع أن تسألني لماذا أثناء وجودك في الأمم المتحدة دخل السفير الإسرائيلي وقال إنهم غاضبون مني.

نحن كانت لدينا أكبر مديونية في البلد [في إشارة لديون الكويت] وأصلها 77 مليون دولار [إبان تأسيس البنك المركزي الموريتاني] وقد تطورت حتى أصبحت 3 مليارات دولار، هذا قرا ر رئيس اتخذه آنذاك، وهو حق دستوري له، هل يمكن أن نحاسبه عليه الآن؟ لا يمكن للسلطة أن تسأل سلطة أخرى

رئيس المحكمة مقاطعا: هذه القضية كررتها ولا بد أن أوضحها، خلال وجودكم في الرئاسة وممارستكم للسلطة لم يسألكم أحد؟ وهذه القضية أثيرت أمامك هنا أكثر مرة، وبعد مغادرتك يمكن للقضاء مساءلتك كما يسائل أي مواطن آخر.

وعودة للموضوع، لماذا لم تفكرون في أن يكون هذا البيع لمؤسسات عمومية بدل خواص؟

عزيز: هذا ليس منطقا. نحن لسنا دولة اشتراكية، ومؤسسات الدولة فاشلة في التسيير، ولا يمكن للدولة أن تبيع للدولة

رئيس المحكمة: إذا لما بعتم ساحة “ابلوكات” لمؤسسات الدولة ثم تراجعتم عن هذا الخيار في المدارس؟

عزيز: ما هذه المؤسسات؟

رئيس المحكمة: اسنيم مثلا

عزيز: المهم أن يتم البيع بالمزاد العلني وقد تم، والمؤسسات العمومية فاشلة

رئيس المحكمة: بعض المدارس العريقة التي بيعها كانت تشكل ذاكرة للأجيال، وقد تخرج منها العديد من أطر البلاد وشخصياتها البارزة، ألم يكن الأولى تطويرها والاحتفاظ بها بدل بيعها؟

عزيز: أليس هذا كثيرا من الإنسانية؟ وضحك

رئيس المحكمة أو الأخلاق؟

عزيز: أربعة مدن تاريخية نفضت عنها الغبار ولم يُجد ذلك، فما الذي ستضيفه مدرسة لم يعد في محيطها أي سكان؟

رئيس المحكمة: وثائق الملف تقول إنكم استفدتم أو استفاد بعض أفراد عائلتكم المقربة من قطعة أرضية لم يتم بيعها في عملية المزاد؟

عزيز: استفدت أنا! لا علم لي بذلك

رئيس المحكمة: استفدتم أنتم أو أحد أفراد عائلتكم؟

عزيز: آخر قطعة أرضية أحصل عليها تعود للعام 2003. خلال المرحلة الانتقالية 2005 جاءني وزير المالية وأعطاني 7 قطع أرضية.

رئيس المحكمة: ما هي وظيفتك حينها

عزيز: عضو المجلس العسكري، وقائد كتيبة الأمن الرئاسي

وفي العام 2008 أحسست أني في وضعية جديدة، واستدعيت مدير إدارة العقارات وأمرته بإعادتهم.

أهلي وأقاربي يمكن أن يكونوا استفادوا منها، ولكن تلك الاستفادة ستكون بطريقة نزيهة وواضحة وشفافة، وهذا لا يخالف الدستور.

رئيس المحكمة: الوزير الأول يحي ولد حدمين ووزير المالية المختار ولد اجاي، قالا في محاضر الملف إن السوق استفادت منه شخص مقرب منكم من ثلاثة حوانيت، وبينهما كلام فيه أن الوزير الأول أمر بمنح القطعة الأرضية، وأن وزير المالية طلب شيئا مكتوبا، كما أن الوزير الأول طلب زيادة ميزانية الصندوق الخاص به، ولا تعلم إلى الآن الطريقة التي تم بها صرف المبلغ؟

عزيز: لا يمكن لوزير أول أن يقول إنني أمرته ببيع قطع أرضية لقريب أو أحد أفراد العائلة، وإصرار وزير المالية على شيء مكتوب دليل على أنه يعرف أني لو علمت بالأمر لحملته المسؤولية عنه.

رئيس المحكمة: الوزير با عثمان قال إن المدارس تم بيعها بطريقة غير قانونية؟

عزيز: الوزير كان متهما وأخرج من الملف، وما سيقوله فيه نظر، وما دامت غير قانونية فلماذا لم يستقل

رئيس المحكمة: إبراهيم ولد غده قال إن إحدى القطع الأرضية المقتطعة من الملعب الأولمبي، والتي شيدت عليها عمارة مولت من ودائع لكم كان بحوزته؟

عزيز: العمارة ليست لي، ولكنني ساعدت في تمويلها. هو مشروع لبنتي، والأرض لم تتم تسوية قضيتها بعد. وهي مشروع مختبر صحي، تم البدء فيه بعد تخرج البنت من جامعة فرنسية في تخصص الكيمياء، وقد مولته من ودائع كانت لدي.

أبنائي وأقاربي لديهم الحق في البيع والشراء، وتم البيع علنا وعبر مزاد العلني.

وقد استفاد من نفس القطع الأرضية في الملعب آخرون، فلماذا لا تسأل عنهم.

أنا شخصيا كان يمكنني أن أستفيد منها وأن أرسل من يشتري باسمي.

رئيس المحكمة: ثلاث قطع أرضية آلت لنجلكم المرحوم أحمد عن طريق شراكة مع ولد البوبات، وقال ولد البوبات إنه أخبركم بهذه الشراكة أثناء تصفية شركة IPR وأنكم قلتم له إن أحمد سيتولى هذه القطع، وهذه القطع صرح ولد البوبات أنه اشتراها بمبلغ معين، وأنه أعطاها لأحمد بمبلغ بعيد جدا من المبلغ الأصلي لشرائها؟

عزيز: هذا كلام ولد البوبات وعلاقته بذاك الرجل الذي قضى الله فيه بقضائه. طبعا جاءني ولد البوبات وقال لي هذا الأمر، ورددت عليه بأنه ثقة، وأن عليه أن يواصل تسييرها، وهذا كله كان في العام 2021، 2022، كما أن شركة IPR تمت تصفيتها في هذه الفترة ولأسباب سياسية.

ولا يوجد في موريتانيا من يسجل القطع الأرضية أو المنازل عند بيعها بسعرها الحقيقي.

رئيس المحكمة: وما السبب في ذلك؟

عزيز: معروف معروف. وأنا لن أجيب على هذا الأمر لأنه يعني ولد البوبات وهو موجود، وتفاصيله ليست عندي.

رئيس المحكمة: با عثمان قال إن بيع المدارس تم بقرار من مجلس الوزراء، وأنتم أكدتم ذلك، كما قال إن القرار فيه يعود لمجلس الوزراء ولا مسؤولية للوزير فيه؟

عزيز: هذه صلاحيات رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ويمكن أن تكون فيها قضية أمنية، وفيما تحسين صورة المدينة، وبالتالي لا ينبغي أن يكون عضوا في الحكومة هو صاحب القرار أو صاحب المسؤولية فيها.

رئيس المحكمة: هل تم بيع مدارس في الداخل سابقا؟

عزيز: نعم تم، وتم بيع قصور عدل من طرف الحكام

رئيس المحكمة: الحكام لعلمكم جزء من السلطة التنفيذية؟

عزيز: نعم أعرف ذلك، ولكنه كان قبل وصولي للسلطة. وكان الحكام يبيعون القطع الأرضية ويعطونها، وقد أوقفت ذلك.

رئيس المحكمة: ماذا عن مقر الموسيقى العسكرية ومقر كتيبة الأمن والمرافقات، وكيف تم بيعهما؟

عزيز: صحيح، في 2010 قررنا تعميم علاوة السكن، وكان البعض حينها يؤجر منازل على الدولة، وكانت فاتورة الإيجار، وكذا الماء والكهرباء غالية، وقد جمعنا تكاليف الإيجار والماء والكهرباء وعممنا العلاوة على الجميع. وأذكر أن أحد الوزراء حذر من الأمر، وقال إن القرار ربما يتسبب في ثورة، ولكننا قمنا بها، وأصبح الجميع لديه نفس العلاوة ولم تعد خاصة بمن يستطيع الدخول على الوزير أو الرئيس.

بالنسبة لكتيبة الأمن والمرافقات كانوا يواجهون مشكلة في التنقل منها بسبب زحمة السوق وقد أعطيناهم عوضها عنها منطقة مناسبة وتم بناؤها لهم.

أما الموسيقى العسكرية فكانت تضم مقر الكتيبة ومساكن، وقد بني في مكانها سوقا.

رئيس المحكمة: والسوق الجديدة؟

عزيز مقاطعا: هل أسأل عن تصرفاتي كرئيس؟

رئيس المحكمة: هل بُنيت في عهدكم؟

عزيز: جل ما بني في موريتانيا كان في عهدي

رئيس المحكمة: سأسأل عما يتعلق بالملف؟

عزيز: اسألني عن 1.86 كيلومترمربع [ربما يقصد مساحة موريتانيا] وسأجيبك عنه

رئيس المحكمة: نريد تفاصيل عن السوق الجديد؟

عزيز: السوق القديم كان مترهلا، وملكيته تعود لخواص، وقد أخذنا مساحة عمومية وأضفنا لها ساحة الموسيقى العسكرية وبنت الدولة فيها سوقا جديدة، وفق المعايير المعاصرة، وبعناه بالمزاد العلني واستعدنا ما أنفقناه فيه.

رئيس المحكمة: هل تم بيعه بالكامل أم بقي منه جزء؟

عزيز: لا أعرف. المهم أننا استعدنا المبلغ المالي الذي أنفقناه عليه

وبخصوص مطار أم التونسي، فقد كانت وضعية المطار القديم معروفة، فهو في وسط المدينة، ومن حوله مساكن مهددة، والكثير من الطائرات لا يمكنها الوصول إليه، كما سبب لنا مشاكل مع الوكالة الدولية للطيران المدني.

كل الحكومات التي كانت قبلي سعت لبناء مطار جديد، وهناك دراسة أعدت 2005 قدرت تكلفته بـ200 مليون دولار، وبعدها دراسة أخرى قدرته بمليار دولار.

أما فكرة بنائه مقابل قطع أرضية فتعود لوفد إماراتي زارني، واقترح علينا بناء مطار جديد مقابل الأراضي

رئيس المحكمة: هل هو وفد حكومي؟

عزيز: لا، رجال أعمال التقوني وعرضوا علي المشروع، وأخذ الفكرة منهم رجل أعمال موريتاني وعرضها علي.

رئيس المحكمة: من هو؟

عزيز: محي الدين ولد الصحراوي مدير شركة النجاح، وقد شكلت لجنة من وزارتي التجهيز والنقل والاقتصاد والتنمية لدراسة القضية، وتابعت اللجنة الملف بمواكبة من وكالة الطيران المدني كل المشروع حتى اكتمل.

رئيس المحكمة: وهل أعطيتهم المطار القديم؟

عزيز: أعطيناهم جزءا من المطار القديم، ومنطقة في تفرغ زينة كانت تعرف بصكوكي وأصبحت تعرف بالصحراوي، وسبب منحها لهم أنهم كانوا يحتاجون إلى سيولة في ظل الاستمرار في استخدام المطار القديم، فأعطيت لهم هذه المنطقة لبيعها.

رئيس المحكمة: إذا المطار فكرة من رجل الأعمال؟

عزيز: هو مطلب من الدولة

رئيس المحكمة: رجل الأعمال قال إنه توسط لديكم بشخصية دينية معروفة؟

عزيز: لا أتذكر. أنا هاتفي مفتوح وألتقي جميع الناس

رئيس المحكمة: صفقة المطار، هل تمت بطريقة الصفقات العادية؟

عزيز: الصفقات تتم بصيغ مختلفة، منها المناقصة، والمناقصة المحدودة، وحتى بالتراضي..

رئيس المحكمة: وفق أي هذه الصيغ تمت هذه الصفقة؟

عزيز: هذه صفقة خاصة

رئيس المحكمة: كيف ذلك؟

عزيز: لا أعرف. المهم أنها قانونية

رئيس المحكمة: الصحراوي تنازل لبعض أفراد عائلتكم عن قطع أرضية؟

عزيز: تنازل عنها أم تم بيعها؟

رئيس المحكمة: وعد ببيعها، وهي مرتبطة بقضاء دين عن الشخصية الدينية

عزيز: الشخصيات الدينية أنا من أعطيهم ولا آخذ منهم

رئيس المحكمة: هل لديك إضافة؟

عزيز: نعم،

أريد أن أقول إن هذا غير مناسب، أسرار بلد تطرح أمام الجميع.

ما زلت أتحدى أي موظف أو مواطن أن يقول إنني قمت بتبديد المال العام، أو مارست الرشوة، أو اختلاس المال العام، وأن يأتي بأمر مكتوب أو دليل مادي. بل  بالعكس أنا من حاربت الفساد والرشوة والإرهاب.

في العام 2005 وجدت احتياط البلد من العملة الصعبة 400 ألف دولار، وفي 2008، وجدته 300 مليون دولار، كانت 100 مليون منها من شينقتل، و100 مليون من شركة “وود سايد”، و100 مليون من عائدات اتفاق الصيد مع الاتحاد الأوربي، وغادرت السلطة واحتياطي البلد من العملة الصعبة 1.780 مليار دولار، وكمية من الذهب.

حاربت تبديد الأموال، وسأعطي ثلاثة أمثلة على ذلك:

أولا: مشروع اغوينا، ويتعلق ببناء سد كهرومائي مشترك بين موريتانيا ومالي والسنغال، تابع لمنظمة استثمار نهر السنغال، وكان محافظها حينها وزير الخارجية الحالي [محمد سالم ولد مرزوك]، وقد رفضت توقيع ملفه بعد اطلاعي عليه، وبقيت على ذلك لمدة ثلاث سنوات رغم ضغط السنغال ومالي، حتى استلت الرئاسة الدورية لرؤساء المنظمة، فاستدعيت مدير شركة “سوجم”، وكانت تكلفة المشروع الأصلية 300 مليون دولار، وكان مفترضا أن تزيد التكلفة نتيجة زيادة الأسعار خلال هذه الفترة وتقادم الدراسة.

ناقشت الملف مع المدير ونجحت في توفير مبلغ 30 مليون دولار تم تقاسمها بين البلدان الثلاثة، ورفضت استفادة غينيا منها لأنها غير معنية بالمشروع.

ثانيا: ميناء انجاكو، وهي ميناء استراتيجي، كانت ستموله لنا دولة صديقة، ولكن إحدى دول الجوار رفضته [في إشارة إلى السنغال]، وحدثني رئيس دولة أخرى [يرجح أنها فرنسا] أن هذه الدولة اشتكت مني بسبب هذا الميناء. وسألته هل قالت لك إننا بنيناه على أرضها أم على أرضنا؟ ما دام على أرضنا فنحن أحرار فيها، ونستطيع أن نبني فيها ما نشاء.

هذا الميناء ممول من ميزانية الدولة، وكانت تشرف عليه القيادة العامة للجيوش، جاؤوني بالملف، ولن أذكر تكلفته، لكنني استطعت مع وزير المالية التفاوض مع الشركة الصينية التي تتولى تنفيذه حتى قلصنا المبلغ بـ80 مليون دولار مقارنة مع المبلغ الذي اتفقت عليه الشركة مع قيادة أركان الجيش. طبعا قالت الشركة الصينية لاحقا إنه خسرت هذا المبلغ، وإن دولة الصين عوضته لها. هذا مثال آخر على الوقوف في وجه تبديد الأموال العمومية.

ثالثا: مشروع ربط نواكشوط ونواذيبو بالجهد العالي: حيث سرد تفاصيل الملف، مؤكدا أن نجح في تخفيض تكلفة المشروع بعض مفاوضات وتفاصيل طويلة من 145 مليون دولار إلى 110 مليون، وبعد نقله من ممول سعودي إلى ممول هندي.

وذكر ولد عبد العزيز بأن هذه الشركة الهندية هي الوحيدة التي هددها داخل مكتبه بأنها إذا التقت قريبا له فلن يخرجوا من البلاد.

رئيس المحكمة: من جاءك بهؤلاء الهنود؟

عزيز: مدير البروتكول الحسن ولد محمد، وهو شاهد على هذه التفاصيل إذا كان ما زال محتفظا بذاكرته.

وهنا طلب منسق دفاع ولد عبد العزيز المحامي محمدن ولد اشدو من رئيس المحكمة رفع الجلسة لأن موكله أكمل ثلاث ساعات من الحديث، ولديه ظروف صحية تتطلب راحته.

رئيس المحكمة سأل ولد عبد العزيز إن كان يوافق على طلب دفاعه رفع الجلسة أم يفضل مواصلة الجلسة، ورد ولد عبد العزيز بأنه إذا كان سيواصل مع أسئلة المحكمة، فيمكنه أن يواصل، أما إذا كان مع النيابة فلست جاهزا لذلك الآن (ما عندي الها شي ظرك)، وهنا التفت مبتسما باتجاه وكيل الجمهورية وبادله الوكيل الابتسامة، ليعلن رئيس المحكمة رفع الجلسة إلى الاثنين القادم.

الأخبار