قراءة في نتائج النيابيات السنغالية / محمدن ولد عبد الله
في انتظار إعلان مصادقة المجلس الدستوري هذا الأسبوع على نتائج الانتخابات التشريعية في السنغال
التي جرت في الواحد والثلاثين يوليو الماضي تكون الصورة بدأت تتضح بعض الشيء حيث حصل التحالف الداعم للرئيس ماكي صال ” معا للوصول إلى المأمول” على 82 مقعدا – “ملاحظة : جاءت أصوات منطقة افوتا الحدودية مع موريتانيا حاسمة لصالح ماكي صال وكذلك معظم المقاطعات ذات الأغلبية العرقية للهالبولار وهي التي أنقذته من الهزيمة” –
وفاز تحالف المعارضة “تحرير الشعب – وإنقاذ السنغال ” ( سونكو – عبدالله واد ) ب 80 مقعدا 56 لسونكو و24 لعبدالله واد فيما حصدت ثلاث لوائح صغيرة 3 مقاعد لرؤسائها وهم :
وزير الطاقة السابق تييرنو ألسان صال
وعمدة دكار السابق اپاپ ديوب
والصحفي اپاپ جبريل افال
يذكر أن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات لم تتجاوز 46%
قراءة موجزة :
خسر تحالف الرئيس 43 مقعدا من أصل 125 ولم يصل إلى الأغلبية المطلقة كما كانت عنده في السابق وحصل بشق الانفس على 82 مقعدا في سابقة من نوعها في السنغال حيث لم يسبق أن فقدت الموالاة الأغلبية في البرلمان منذ العام 1960 ولم يضمن بعدُ انضمام اي من النواب الثلاثة الذين هم محل النزاع بينه مع المعارضة في حين صرّح أحد النواب وهو الوزير تييرنو ألسان صال أنه استقال من حكومة ماكي صال في العام 2017 استجابة لمبادئه ولم تتغير حتى الآن لذلك لن ينضمّ إلى فريق الرئيس بشكل قاطع ، في انتظار وضوح موقف الإثنين الآخَرَيْن وقد يكون العمدة اپاپ ديوب هو الورقة الرابحة التي سيحاول معها ماكي الحصول على الأغلبيّة في البرلمان فهو سياسي ليبرالي وغير بعيد من النظام، فيمكن للرئيس أن يعرض عليه فكرة رئاسة البرلمان مُقابل الانضمام لصفوف الأغلبية ولم يتضح بعد موقف النائب الصحفي اپاپ جبريل افال
في حين هناك تكهنات تنقصها الثقة توحي باحتمال بدء مفاوضات النظام مع الرئيس السابق عبدالله واد وتقديم تطمينات قضائية بخصوص ملف نجله كريم الذي يوجد في المنفى في قطر منذ سنوات والذي يعدُّ هو ابرز الدوافع لمشاركة واد في الانتخابات الأخيرة والظهور فيها ميدانيا حسب بعض المراقبين ، غير أن الناطقة باسم الحزب الديمقراطي السنغالي PDS نفت مشاركة حزبها في اي مفاوضات مع ماكي صال دون موافقة حليفه الرئيسي عثمان سونكو
معظم التحاليل تشير إلى الاتجاه نحو التعايش بين الفريقين تحت البرلمان وهو الشيء الذي لا يرغب فيه الطرف الحكومي مطلقا لتبعاته على القرارات والمصادقة على مشاريع القوانين مما قد يؤدي إلى شل عمل الحكومة وسيبذل الغالي والنفيس في عدم حدوثه
ومن المنتظر أن يقيل الرئيس ماكي صال حكومته الحالية ويعين رئيسا للوزراء
بعد إلغاء المنصب في العام 2019 وإعلان عودته في 2021 دون تعيينه حتى الآن …
حسب أغلب المتابعين فإن نتائج هذه الانتخابات تعتبر ورقة حمراء رفعها الشعب السنغالي ضد ترشح ماكي صال لرئاسيات 2024 المقبلة والتي ظل الغموض يلف موقف الرئيس ماكي من الترشح لها حتى الآن بينما ظهرت تصريحات لبعض السياسيين المقربين من الرئيس ماكي في الأيام الأخيرة تقول بعزمه الترشح لفترة رئاسية “ثانية” حسب تعبيرهم وهو مايفتح المجال واسعا من جديد للجدل الدستوري حول إمكانية ترشحه
وتبقى مواقف النواب الثلاثة ( صناع الملوك ) حاسمة في رسم خارطة المشهد السياسي السنغالي القادم.
محمدن ولد عبد الله
المدير الناشر لشبكة رياح الجنوب