زوم الصحراء (75).. مالي هل وصل صراع العسكر والمدنيين مرحلة كسر العظم..؟

عوامل عدة تجعل المتابعين للشأن المالي يطرحون بإلحاح سؤال صراع المدنيين والمجلس العسكري الحاكم؛ أهو صراع موضعي محدود كما في المرات السابقة، أم أنه صراع جدي يلامس حدود التلاغي أوكسر العظم إن لم يكن فيها من الواقعين.

 

زووم الصحراء يبحث عن إجابة للسؤال؛ منطلقا من تطورات الأيام الأخيرة، ومن استشراف أفقها المنظور، آخذا بالإعتبار بالضرورة دوافع الصراع والخلفيات الواقعة والمتوقعة لطرفيه.

 

القطرة التي أفاضت الكأس
مثلت تصريحات الوزير الأول المالي المقال سومايگا المنتقدة لتمديد وتمدد المرحلة الانتقالية لحظة فيضان كأس كان قد بدأ في استقبال تقاطر الاحتجاجات منذ أشهر طويلة.
قوة تأثير تصريحات سوميگا استمدتها من كونها:

– صادرة من صاحب أعلى مسؤولية مدنية في منظومة حكم من المفروض أنها تمثل شراكة بين الحكم والعسكر؛ وإن كان الواضح أن الحكم بيد العسكر وأن المدنيين هم في أحسن أحوالهم “الدرجة الأولى من المحكوم بهم”
– بثه عبر وسائل الإعلام الحكومية وفي خرجة رسمية ما يعني تحقق ميزة القصد ووعي صاحبه بالمآلات ،بمعني آخر وبلغة العسكر إنه أشبه ما يكون بإعلان حرب؛ أو في الحد الأدنى ممارسة تمرد علني عن سبق إصرار.
– ⁠وكما كان متوقعا لم يتأخر “تعامل” المجلس العسكري مع “تمرد” وزيرهم الأول المدني فكان قرار الإقالة .

 

في خلفيات المواجهة
عند تحليل مجمل البيانات والمعطيات المتاحة عن الوضع يتضح أن عوامل ثلاث فعلت فعلها لتوجد لحظة الصدام:

– تفاقم الوضع الاقتصادي: حيث يشتكي الماليون من تدهور الوضع الاقتصادي، وصعوبة الحياة، نتيجة عوامل عديدة منها تبعات الحصار الذي كانت دول الايكواس قد فرضته على البلاد بعد الانقلاب، وتبعات الحالة الأمنية الصعبة التي تعيشها البلاد منذ سنوات طويلة.

– والعامل الثاني تعثر مسار الحسم العسكري؛ فبعد “الانتصارات” التي حقق الجيش مدعوما بمليشيات الفاغنير بداية العام تتالت الإخفاقات؛ وكان آخرها الفشل في السيطرة  على منطقة تين ازواتين على الحدود المالية الجزائرية الموريتانية، وما سبقها من عملية مدرسة الدرك بالعاصمة باماكو التي تمكن خلالها المئات من مقاتلي جماعة ماسينا من السيطرة لساعات على مناطق حساسة في العاصمة وضواحيها.

– ⁠أما ثالث العوامل فهو مفاعيل التطورات السياسية في الإقليم: وخصوصا في الصنو الجار؛ السنغال التي شهدت خلال العام استحقاقين انتخابيين يبدو أنهما حركا أشواق الماليين للانتخابات التي طال عهدهم بها.
هو مزيج -إذا- من التذمر الاقتصادي، والأمني ومن “الغيرة” من ديمقراطية الجوار جعل النخب المالية تجهر بالاحتجاج على تمديد المرحلة الانتقالية.

 

أهو نزول عن الشجرة..؟
ومع أن الاستجابة المباشرة على احتجاج الوزير الأول المدني كانت إقالته وتكليف جنرال بقيادة الحكومة هو الجنرال عبد الله مايگا، لكن الرئيس عاصمي اگويتا كلف الحكومة بالتحضير لانتخابات شفافة، وهو ما قد يفسر على أنه بداية نزول عن الشجرة؛ واستجابة للمطالب المتزايدة بانهاء المرحلة الانتقالية؛ وتسليم السلطة للمدنيين، لكن هناك من يرى في الأمر مجرد تراجع تكتيكي ضمن معركة كسر العظم المفتوحة بين الطرفين.

ويتوقع أصحاب هذا التقدير أن تكون تطورات تين ازواتين الأخيرة بعنوانيها البارزين ؛ تشكيل جبهة تحرير أزواد، واستهداف عدد من قادتها بالطيران المسير  وقائع يستخدمها المجلس العسكري للجم الأصوات المطالبة بالانتخابات بالحجة التقليدية؛ أنه لاصوت يعلو فوق صوت المعركة.